Titre:
منتهاي ومبدئي
- Auteur: ميساء المغربي
- Disponibilité: Rupture de Stock
€9,70
ساد الصمت، بقي فقط صوت أجهزة المستشفى من حولنا كان أبي يحدق في سقف الغرفة كمن يرى ما لا نراه. أغلقت دفتري، اتجهت إليه بهدوء، حملت يده بين يديّ وقبلتها، التفت إلي بنظرة مودع أرسلتها عيناه وكأنه يحدثني دون كلام يخبرني بأن رسالته انتهت وبأن دائرته أغلقت وصار دور دائرتي...
ساد الصمت، بقي فقط صوت أجهزة المستشفى من حولنا كان أبي يحدق في سقف الغرفة كمن يرى ما لا نراه. أغلقت دفتري، اتجهت إليه بهدوء، حملت يده بين يديّ وقبلتها، التفت إلي بنظرة مودع أرسلتها عيناه وكأنه يحدثني دون كلام يخبرني بأن رسالته انتهت وبأن دائرته أغلقت وصار دور دائرتي أنا لتكتمل. لم أتحدث أبداً فالمسكنات سبقتني إليه. نام أبي وأنا منذ هذا اليوم لا أنام إلى إن بلغ التعب مني مبلغاً عجز جسدي عن احتماله لتسقط
أجفاني ساعة وربما ساعتين... نام أبي وأنا منذ ذاك اليوم ما توقف عقلي عن التفكير به وبالدوائر وبعمري القادم بدونه .. نام أبي بعد أن أيقظ في نفسي مردة كثراً أشدهم سطوة هو مارد الحنين إلى عينيه اللتين علمت في قرارة نفسي أنهما ستنطفئان قريباً ومعهما عمري كنت أرغب في أن أخبره بأن دائرة حياتي بدأت به وربما ستنتهي معه؛ فأنا منذ جئت للدنيا وأنا أقيس حدود حياتي على وجوده إن ضاقت الدنيا بي اتسعت عنده وإن اتسعت لي زادت رحابة في حضوره. منتهى وجعي ومبدأ راحتي، ما كان فقط أبي كان بداية عمري ومنتهى أملي النور الذي أبصر به في ظلام دنياي حتى لا أتعثر في طرق الحياة الوعرة وحدي.