Titre:
هكذا قتلوا قرة العين
- Auteur: علي الوردي
- Disponibilité: 1 En Stock
- Maison d'édition: منشورات الجمل
€7,90
شُغل المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة من ولاية نجيب باشا بحديث امرأة عجيبة تدعى ” قرة العين ” ، أسفرت عن وجهها ، وارتقت المنبر ، وخطبت وجادلت ، فكان ذلك أول حدث من نوعه في تاريخ العراق ، وربما في تاريخ الشرق كله ، طيلة قرون عديدة ، ولدت...
شُغل المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة من ولاية نجيب باشا بحديث امرأة عجيبة تدعى ” قرة العين ” ، أسفرت عن وجهها ، وارتقت المنبر ، وخطبت وجادلت ، فكان ذلك أول حدث من نوعه في تاريخ العراق ، وربما في تاريخ الشرق كله ، طيلة قرون عديدة ، ولدت هذه المرأة في قزوين عام 1814 ، وسُميت ” زرين تاج ” ، وتعني بالفارسية ” التاج الذهبي ” لأنها كانت ذات شعر أشقر ، فكانت أسرتها من الأسر الدينية المعروفة في قزوين ذات جاه ومكانة علمية تدعى بـ ” آل البرغاني ” ، وقد برز فيها علماء مجتهدون لهم شأن . بدأ نبوغها بالظهور منذ صباها المبكر ، وقيل أنها كانت تحضر دروس أبيها وعمها التي كانا يلقيانها على الطلبة ، فكان يوضع لها ستار لتستمع إلى الدروس من ورائه ، وسرعان ما أخذت تشارك في المحاولات الكلامية والفقهية التي تُثار بين رجال أسرتها . وقد اختلف الباحثون وأرباب الفضيلة في حديثهم عن ظاهرة ( مدرسة قرة العين الفلسفية ) . قال بعضهم : أنها متأثرة بغلاة الصوفية ، وذهب آخرون إلى القول : إنها كانت متأثرة بالفلسفة الإسماعيلية الحادة ، وما إلى ذلك من الآراء والأقاويل . ولكن المعروف عنها وعند العائلة ، وكما جاء في كتاباتها ، ونقل عنها بعض المقربين منها كزوجها وإبنتها العالمة زينة خانم وسائر أولادها أنها كانت من عمها الشيخ الملا علي البرغاني المتوفي سنة 1269 ه مزجاً لحكمة الإستراق بالعرفان الفنوصي الشيعي التي ترمي إلى مزج الفلسفة بالدين ، وتشتمل على طائفة من الآراء المضنون بها على غير أهل المعرفة والعرفان . وكما كانت من المدافعين من أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليه وسلم والفلسفة الفنوصية الشيعية . وإنها تنقي إمكان خلو الأرض من الحجة ، وتقول بعدم انسداد باب الفيض من جانب الباري تعالى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الفنوص الشيعي المنحاز إلى حب أهل البيت عليهم السلام إلى حب أهل البيت عليهم السلام يعتقد بها . وقد دافع عن هذه الأطروحة في القرن الحادي عشر الهجري كل من السيد محمد باقر المعروف بالميرالداماد ( قزوين 956 – 1401 ه ) وتلميذه صدر المتألهين الشيرازي ( شيراز 979 – البصرة 1045 ه ) في مسالة عدم انقطاع الفيض من جانب الباري تعالى ، وتقول إن الإمامة والولاية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي وأولاده الأحد عشر من ذريته نصاً ووصية ، وكانت من أصحاب الإجتهاد وأصل العقل والآراء الحرة ، وتعتقد بالإسلام التوحيدي التنزيهي ، وتقول بالعدل ، ونفي الجبر والنسخ والبداء لتغيير الأحكام والإتجاه التعقلي ، والإنتماء إلى أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز للعلماء الإتكاء على السلطة الجائرة ، وما إلى ذلك مما تقول به الإمامية . وكانت تميل إلى الفلسفة الحادة الإسماعيلية ، وكذلك مدرسة المتألهين الشيرازي المتوفي سنة 1045 ه . وفي العرفان تميل إلى إبن عربي المتوفي سنة 638 ه . وبالقول التشيع ظاهر التصوف ، والتصوف باطن التشيع ويعبر عنها بالزهد الشديد ، وقد أجمع المؤرخون وأرباب السير من الفريقين : السنة والشيعة والمستشرقون أنها كانت من نوابع النساء على الإطلاق . ونظرت لأهميته ، فقد تم الإعتناء بها ، حيث تم ضبط الأصل ضبطاً جيداً ، وترجمة بعض الشخصيات التي وردت أسماؤها عند سرد الحوادث ، كما اجتهد المحقق بتقديم تعليق ، في الهامش ، على بعض الأمور التي تستحق التعليق ، مشيراً إلى الحوادث الغامضة ، دون اللجوء إلى الإكثار من التعليقات لعدم اثقال الحواشي على القراء.