مرحباً في صحراء الواقع

انطلاقاً من التحليل النفسي لمدرسة جاك لاكان، يقوم الفيلسوف السلوفيني "سلافوي جيجيك" بجولات واسعة في الأدب والسينما والسياسة والفلسفة والاجتماع والثقافة الشعبية والنكات... إلخ، لكشف الجانب اللاواعي والبذيء للمفاهيم والشعارات التي تشكل أطر التفكير في عالم اليوم المضطرب. في كتابه الجديد المعنون بالترحيب الساخر في فيلم ماتريكس للبطل المنتظر (نيو): "مرحباً في صحراء الواقع"، يستخدم جيجيك ثقافته الموسوعية في تفكيك الخيارات المفروضة على عالمنا ويبرز طابعها الإشكالي، متباعداً عن الهيستريا التي سادت الغرب في أعقاب 11 سبتمبر، يرفض جيجيك مقولتي "نهاية التاريخ"، و "صدام الحضارات"، موضحا أن الرأسمالية أصولية وأن أمريكا كانت شريكة متواطئة في صعود الأصولية الإسلامية، والأهم أنه يبين زيف مطالبتنا بالاختيار بين "الأصولية" وبين "الديموقراطية" كأن البديل الوحيد للأصولية هو النظام السياسي لـ"الديموقراطية الليبرالية".
من فلسطين إلى أفغانستان وغيرهما من موضوعات "الحرب" المزعومة على "الإرهاب" تمثل فصول هذا الكتاب، مناسبة لنقدم إلى قراءة العربية للمرة الأولى هذا المفكر الذي يعد منذ عقود ألمع شارح للنظرية الثقافية وللتحليل النفسي إلى حد تسميته "عملاق ليوبليانا" و"إلفيس" النقد الثقافي. تبقى الإشارة إلى الجهد الملموس للمترجم النخبوي بامتياز "أحمد حسان" الذي أثر بترجماته في تغيير مسار الكتابة المصرية الجديدة والطامحة إلى التجديد الثوري على مستوى الشكل والمضمون